اعتقد ان طفولتى كانت مختلفة نوعا ما عن باقى الاطفال فى سنى وقتها فانا لم اكن فى حاجة ان ادّعى اننى تعبان اليوم او بطنى وجعانى او اخبر امى كم هى برودة الجو فى الخارج كى اكسب تعاطفها معى وتخبرنى "اقعد النهاردة من الحضانة يا حبيبى"
فقد كانت توقظنى للذهاب للحضانة وتخبرنى -من تلقاء نفسها- ان اغيب اليوم لان الجو شتا برة او الدنيا ساقعة او تستشعر اننى اريد بعض النوم الاضافى فتقولى نام يا حبيبى بلاش تروح النهاردة ..
طب ما انا كنت نايم لازم تصحينى يعنى !! D:
على الرغم ان الحضانة كانت تبعد مسافة 30 او 40 متر عن بيتى وكانت الدادة بتيجى تأخدنى من بيتى!
حتى اننى اتذكر يوما ما عندما ذهبت للحضانة فداعبتنى المديرة قائلة "اية يا محمود انت بتمشى على سطر وتسيب سطر !"
لم افهم الدعابة وقتها فقد كنت طفلا وعقلى الصغير لا يحتمل مثل هذا الالش فأجبتها قائلا لا والله يا مس انا بكتب على كل السطور.
هى بالطبع كانت تقصد اننى اغيب يوم واحضر يوم.. ولكننى كنت اقصد الكراسة ام 9 سطور D:
تلك حضانتى كم اشتقت اليها وكيف لا وقد نشأت بين حوائطها اعظم قصة حب كتبها التاريخ نعم انها اول قصة حب فى حياتى
فقد كنت اواعد الابلة بتاعتى واخبرتها كم احبها واخبرتنى هى كم تحبنى وفعلا تقدمت لها وقد وافقت وكأى قصة حب صادقة فى اى فيلم عربى لازم يطلع بتاع يفصلك القصة.. فقد باعت حبنا وتزوجت شاب من بتاع الايام دى وتركت الحضانة وذهبت بعيدا عنى..
لا اصدق ما حدث فقد كان عندى استعداد ان اضحى بسندوتش الحلاوة بالقشطة او المفتأه او حتى الجبنة التركى من اجلها... كنت اذهب الحضانة مرتديا الكرافتة ام استك والمريلة اللبنى خصيصا من اجلها وكانت فى وقت فراغى تجلب لى الالعاب التى احبها من غرفة الالعاب وتجلس لتلعب معى لك ان تتخيل حجم الصدمة التى كنت فيها وقتها D:
يلا ملهاش نصيب !!
كان فى طريقى الذى كنت اسير به دكان يجلس به رجل عجوز لا اتذكر فى ماذا كان يعمل ولكنى كنت احب ان انظر اليه دائما ذهابا وايابا.
وفى يوم وانا راجع فى طريقى للبيت وجدت سيارة اسعاف واقفة عند الدكان وقفت لاشاهد ماذا يحدث وجدتهم يحملون هذا الرجل على شئ ويدخلوه فى السيارة كان اخى معى ذلك اليوم فسالته ماذا حدث اخبرنى ان الرجل قد مات.. فسألته يعنى اية مات ؟
لا اتذكر اجابته حينها ولكنه قد اخبرنى فيما معناه انه لم يعد موجود فى الدنيا بعد اليوم وطلع عند ربنا..
فأكملت طريقى باكيا حتى وصلت للبيت وجدت ابى ارتميت فى احضانه واخبرته ان الراجل العجوز اللى كان فى الدكان مات وطلع عند ربنا !
انا مش عايز اموت يا بابا مش عايز اموت.. هذا ما حاولت ان اقنع ابى به ذلك اليوم ان الحياة حلوة وجميلة ومش لازم الناس تموت حاول مرارا ان يقنعنى ان كل الناس حتموت وهيروحوا فى مكان احسن ولكنى فضلت مصرا على موقفى انى مش عايز اموت.. ولكن ما اثار دهشتى حقا "هو ازاى طلع عند ربنا!!" فتحاول امى جاهدة ان تبسط لى الامر فأخبرتنى انهم نزلوا سَبت من السماء واخدوه فيه D:
